الاثنين، 21 يوليو 2025

مسألة مونتي هول

 

تخيل نفسك نجم حلقة اليوم في أشهر برنامج مسابقات على التلفاز. الأضواء مسلطة عليك، الجمهور يهتف باسمك، والمذيع اللامع يقف بجانبك بابتسامته الواثقة. أمامك الجائزة الكبرى: سيارة رياضية فارهة. كل ما يفصلك عنها هو ثلاثة أبواب عملاقة مغلقة.

يقول المذيع: "خلف أحد هذه الأبواب توجد سيارة أحلامك، وخلف البابين الآخرين... حسناً، دعنا نقول إنهما جائزتان ترضية على شكل ماعز لطيف. اختر بابًا واحدًا، والسيارة قد تكون من نصيبك!"

بحماس، تشير إلى الباب رقم 1. يبتسم المذيع ويقول: "اختيار مثير! لكن قبل أن نرى ما كسبت، دعنا نزيد من التشويق قليلاً".

يتجه المذيع، الذي يعرف بالطبع مكان السيارة، نحو الباب رقم 3 ويفتحه على مصراعيه ليكشف عن... ماعز! يلتفت إليك المذيع وعيناه تلمعان، ثم يطرح عليك السؤال الذي سيصبح محور حيرتك:

"الآن، لديك خيار... هل تريد البقاء على اختيارك الأول، الباب رقم 1، أم تفضل أن تغير رأيك وتختار الباب الآخر المتبقي، الباب رقم 2؟"

توقف لحظة. ماذا يملي عليك حدسك؟ بابان متبقيان، أحدهما يخفي سيارة والآخر ماعزًا. تبدو الفرص متساوية تمامًا، 50/50. إذن، لا فرق سواء بقيت على اختيارك أم غيرته، أليس كذلك؟

إذا كانت هذه إجابتك، فأنت مخطئ تمامًا!

اللعبة الخفية التي لا تراها

هذا اللغز، المعروف بـ"مسألة مونتي هول"، ليس مجرد خدعة تلفزيونية، بل هو درس قاسٍ في الاحتمالات يوضح كيف يمكن لبديهتنا أن تخذلنا بقوة. الجواب الصحيح الذي أثبته علماء الرياضيات هو: يجب عليك دائمًا، وأكرر دائمًا، أن تغير اختيارك.

لماذا؟ لأن تغييرك للباب يضاعف فرصة فوزك بالسيارة من 33.3% إلى 66.6%.

قد يبدو هذا جنونًا. كيف يمكن هذا؟ السر لا يكمن في الأبواب، بل في المعلومة التي قدمها لك المذيع دون أن تنتبه.

فك شفرة الاحتمالات

دعنا نعد بالزمن بضع دقائق. عندما اخترت الباب رقم 1 في البداية، ما هو احتمال أن تكون قد أصبت؟ بسيط، 1 من 3 (أو 33.3%). هذا يعني أن احتمال أن تكون السيارة خلف أحد البابين الآخرين (2 أو 3) هو 2 من 3 (أو 66.6%).

الآن، تأتي اللحظة السحرية. المذيع لم يفتح بابًا عشوائيًا. لقد فتح بابًا يعرف يقينًا أنه يخفي ماعزًا. بفعله هذا، هو لم يغير حقيقة أن اختيارك الأول كان لديه فرصة 1/3 فقط ليكون صحيحًا. لكنه قام بتصفية الاحتمالات!

تلك النسبة الكبيرة (2/3)، التي كانت موزعة على البابين 2 و 3، لم تتبخر. لقد قام المذيع بتركيزها بالكامل على الباب الوحيد المتبقي الذي لم تختره. لقد أخذ كل الشكوك من الباب رقم 3 ووضعها على الباب رقم 2.

  • اختيارك الأول (الباب 1): لا يزال يحمل فرصة فوزه الأصلية، وهي 1/3.

  • الباب المتبقي (الباب 2): أصبح الآن يحمل الاحتمالية المجمعة (2/3) التي كانت تخص "الأبواب الأخرى".

بعبارة أخرى، المذيع خدمك خدمة جليلة: لقد أزال لك الخيار الخاسر من بين البابين اللذين لم تخترهما، تاركًا لك الخيار الفائز على الأرجح.

ما زلت غير مقتنع؟ لنجربها مع 100 باب!

تخيل 100 باب مغلق. سيارة واحدة و99 ماعزًا.

  1. أنت تختار الباب رقم 1. فرصة أنك على حق ضئيلة جدًا: 1%. وفرصة أن السيارة في مكان آخر هي 99%.

  2. الآن، يقوم المذيع بفتح 98 بابًا آخر، كاشفًا عن 98 ماعزًا.

  3. يتبقى بابان فقط: بابك رقم 1، وباب آخر، لنقل أنه الباب رقم 73.

  4. يسألك المذيع: "هل تريد التغيير إلى الباب 73؟"

هنا، يصبح القرار صارخ الوضوح! هل تتمسك ببابك الذي كانت فرصة نجاحه 1% فقط، أم تنتقل إلى الباب الذي قام المذيع بذكاء بعزل كل الاحتمالات الأخرى عنه، مانحًا إياه فرصة 99%؟ بالطبع ستغير اختيارك دون تردد!

المنطق هو نفسه تمامًا في حالة الأبواب الثلاثة، لكن حدسنا يجد صعوبة في رؤيته عندما تكون الأرقام صغيرة.

في المرة القادمة التي تواجه فيها قرارًا يبدو بسيطًا، تذكر خدعة مونتي هول. أحيانًا، تكون أفضل الحركات هي تلك التي تبدو غير منطقية على الإطلاق. والآن، أخبرنا، هل ستغير اختيارك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق