أحيانًا تقرأ في تقرير أو مقال إداري جملة تبدأ بـ:
“The management gap refers to …”
وهذه مجرد طريقة إنجليزية لقول: “تشير الفجوة الإدارية إلى…” ثم يكمل الكاتب تعريف المشكلة.
لكن ما هي المشكلة أصلًا؟
تعريف سريع: ما هي الفجوة الإدارية؟
الفجوة الإدارية (Management Gap) هي المسافة بين:
-
ما يجب أن تفعله الإدارة لتحقيق الأهداف (استراتيجية، خطط، مؤشرات أداء، حوكمة، متابعة)
وبين -
ما يحدث فعليًا على أرض الواقع (تنفيذ ضعيف، قرارات متأخرة، فرق غير منسجمة، نتائج أقل من المتوقع)
هي ليست “خطأ شخص واحد”، بل عادة خلل منظومة: أهداف غير واضحة، أو صلاحيات مشوشة، أو متابعة لا تترجم لقرارات.
كيف تظهر الفجوة الإدارية في الواقع؟
ستلاحظها في أعراض متكررة مثل:
-
الاستراتيجية ممتازة على الورق… لكن التنفيذ “يتعثر”
-
اجتماعات كثيرة… وقرارات قليلة أو متأخرة
-
الموظفون يعملون بجد… لكن النتائج لا تتحسن
-
تضارب في الأولويات: كل فريق يشد باتجاه
-
مشاكل تتكرر رغم “حلّها” سابقًا (علاج أعراض لا جذور)
أنواع الفجوة الإدارية الأكثر شيوعًا
1) فجوة الاستراتيجية والتنفيذ
الإدارة العليا تضع أهدافًا كبيرة، لكن لا يوجد:
-
خارطة طريق واضحة
-
مالك مسؤول لكل مبادرة (Owner)
-
موارد كافية
-
جدول زمني واقعي
النتيجة: “PowerPoint ممتاز… واقع متعثر”.
2) فجوة التواصل والمحاذاة
الإدارة تعتقد أن الجميع فهم “الهدف”، بينما الفرق تعمل وفق فهم مختلف.
هذه فجوة محاذاة (Alignment) وتقتل السرعة.
3) فجوة القدرات والمهارات
قد تكون الخطة جيدة، لكن الفريق لا يمتلك:
-
مهارات إدارة مشاريع
-
تحليل بيانات
-
قياس أداء
-
قيادة فرق
فتصير الإدارة “تنوي” أكثر مما “تُنجز”.
4) فجوة الحوكمة واتخاذ القرار
المسؤوليات غير واضحة: من يقرر؟ من يوافق؟ من ينفذ؟
غياب RACI (Responsible/Accountable/Consulted/Informed) يجعل القرارات تتوه في البريد والاجتماعات.
5) فجوة البيانات
الإدارة تريد قيادة “بالأرقام”، لكن البيانات:
-
غير مكتملة
-
متأخرة
-
غير موثوقة
فتتحول القرارات إلى حدس، ثم تُفاجأ النتائج.
لماذا تتكوّن الفجوة الإدارية؟
غالبًا بسبب مزيج من:
-
أهداف غير قابلة للقياس (SMART غائبة)
-
تضخم مهام الإدارة وتشتيت الأولويات
-
مقاومة التغيير داخل المؤسسة
-
ثقافة “تجنب المساءلة” أو “إلقاء اللوم”
-
غياب آلية متابعة: KPI بدون Review cadence واضح لا يساوي شيئًا
كيف تُغلق الفجوة الإدارية؟ حلول عملية “تشتغل”
1) حوّل الهدف إلى مؤشرات تُدار أسبوعيًا
بدل “نحسن الأداء”، استخدم:
-
KPI واضح
-
Baseline (الوضع الحالي)
-
Target (الهدف)
-
Owner (المسؤول)
-
Cadence (مراجعة أسبوعية/شهرية)
2) ثبّت الحوكمة: من يقرر ماذا؟
اعمل مصفوفة RACI لكل مشروع/عملية.
أحيانًا هذا وحده يقلل الفوضى 50%.
3) قلّل المبادرات… وارفع نسبة الإغلاق
مشكلة كثيرة من الإدارات: “نبدأ كثير ولا نُنهي”.
اختَر 3–5 مبادرات حرجة، واشتغل عليها بتركيز. هذا يسمى Portfolio discipline.
4) اعمل نظام متابعة خفيف لكن صارم
اجتماع أسبوعي قصير (30 دقيقة) بقالب ثابت:
-
ماذا أنجزنا؟
-
ما الذي عطلنا؟
-
ما القرار المطلوب الآن؟
-
من المسؤول ومتى الموعد؟
5) قِس “جودة الإدارة” وليس النتائج فقط
مثلًا:
-
زمن اتخاذ القرار
-
نسبة الالتزام بالمواعيد
-
تكرار نفس المشكلات
-
وضوح المسؤوليات
هذه مؤشرات تشغيلية تقيس صحة الإدارة نفسها.
مثال سريع يوضح الفكرة
شركة تقول: “نريد تحسين خدمة العملاء”.
لكن بدون:
-
تعريف واضح لـ SLA
-
قياس زمن الاستجابة
-
تدريب الفريق
-
صلاحيات لحل الشكاوى
ستبقى النتيجة: شكاوى تتكرر.
هنا تظهر الفجوة الإدارية: الهدف جميل… لكن منظومة التنفيذ ناقصة.