الجمعة، 18 أبريل 2025

شبكة الإنترنت الخفية تحت البحار: كيف تسافر بياناتك عبر المحيطات؟

 

في كل مرة تشاهد فيها مقطع فيديو،  أو تراسل عائلتك عبر واتساب، فإن 99% من هذه البيانات تسافر عبر شبكة خفية ومعقدة من الكابلات المغمورة تحت سطح البحر. قد يبدو الأمر غير بديهي، لكن حياتنا الرقمية الحديثة تعتمد بشكل كبير على هذه الأسلاك المتعرجة الممتدة عبر قيعان المحيطات.

خريطة العالم تحت الماء: شبكة عنكبوتية ضخمة

وفقًا لأحدث الإحصائيات، يوجد حاليًا ما يقرب من 500 كابل إنترنت نشط أو قيد الإنشاء يمتد تحت البحار والمحيطات حول العالم. تتفاوت هذه الكابلات في طولها بشكل كبير، فمن كابل متواضع يربط بين دولتين على امتداد بضع مئات من الكيلومترات، إلى كابلات عملاقة مثل "ماريا" الذي يربط بين قارتين بطول آلاف الكيلومترات ويزن ما يعادل عشرات الحيتان الزرقاء!

يبلغ الطول الإجمالي لهذه الشبكة المذهلة حوالي 1.5 مليون كيلومتر من أسلاك البيانات تحت الماء. وعلى الرغم من أن هذه الكابلات ليست سميكة كما قد نتخيل – غالبًا ما يكون قطرها بحجم خرطوم الحديقة – إلا أنها قادرة على نقل كميات هائلة من البيانات تصل إلى 100 جيجابايت في الثانية، وتتطور التقنية لتمكينها من نقل 400 جيجابايت في الثانية في المستقبل القريب.

كيف تعمل هذه المعجزة التكنولوجية؟

يكمن السر في تقنية معقدة تُعرف باسم "التضمين الكثيف بتقسيم الطول الموجي". ببساطة، تسمح هذه التقنية بإرسال معلومات متعددة عبر نفس الكابل باستخدام أطوال موجية مختلفة من الضوء في وقت واحد، مما يزيد بشكل كبير من سرعة نقل البيانات.

ولضمان وصول الإشارة قوية عبر المسافات الشاسعة، يتم تزويد الكابلات بمحطات تكرار كل 70 إلى 100 كيلومتر تقريبًا على طول قاع البحر. تعمل هذه المحطات كمضخمات للإشارة، وتتطلب طاقة كهربائية يتم توفيرها عبر أسلاك نحاسية مدمجة في الكابلات تحمل آلاف الفولتات من التيار المستمر.

رحلة الكابلات من المصنع إلى قاع البحر

تُلف الكابلات أولاً على بكرات أسطوانية ضخمة على متن سفن متخصصة في مد الكابلات. يتطلب تخطيط مسار الكابل المثالي عبر المحيطات دراسة دقيقة تستغرق قد تصل إلى عام كامل، لتجنب المناطق البركانية أو المعرضة للزلازل والانهيارات الطينية أو حتى مناطق الصيد الكثيف بشباك الجر.

تُسحب الكابلات من مؤخرة السفينة بوتيرة بطيئة نسبيًا تبلغ حوالي 10 كيلومترات في الساعة. وفي حال واجهت السفينة طقسًا سيئًا، يمكن للقبطان قطع الكابل مؤقتًا وربطه بعوامة لاستئناف العمل بعد تحسن الأحوال الجوية.

مخاطر تهدد الشبكة الخفية

لا تخلو هذه الشبكة الحيوية من المخاطر. فبالإضافة إلى الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل التي قد تتسبب في قطع الكابلات، فإن غالبية الانقطاعات تحدث بسبب الإهمال البشري، مثل تلف الكابلات بواسطة شباك صيد الجر أو مراسي السفن. الكابلات القريبة من الشواطئ هي الأكثر عرضة لهذه المخاطر، لذا يتم تدريعها بعناية ودفنها في خنادق خاصة تحت قاع البحر.

ولعل أغرب التهديدات تأتي من أسماك القرش التي شوهدت وهي تقضم بعض كابلات جوجل البحرية! وعلى صعيد أكثر جدية، تحذر الحكومات من إمكانية تدخل قوى أجنبية معادية في هذه الكابلات الحساسة. وقد كشفت تسريبات سابقة عن قيام وكالات استخباراتية بالتنصت على الاتصالات التي تمر عبر هذه الشبكة.

صراع النفوذ الرقمي تحت الماء

تتجاوز أهمية الكابلات البحرية الجانب التقني لتصل إلى الجوانب الجيوسياسية. فقد تدخلت حكومات لمنع شركات معينة من تركيب كابلات قد تمنحها نفوذًا على البنية التحتية للاتصالات الحساسة لدول أخرى.

من يملك هذه الشرايين الرقمية؟

تاريخيًا، كانت الدول أو شركات الاتصالات شبه الحكومية هي من تتولى تكلفة إنشاء هذه الكابلات الباهظة الثمن. . ولكن بشكل متزايد، تستثمر شركات التكنولوجيا العملاقة مثل فيسبوك وجوجل وأمازون بشكل كبير في امتلاك شبكات الكابلات الخاصة بها لتلبية احتياجاتها المتزايدة من البيانات.

هل سيصبح هذا النظام يومًا ما عتيقًا؟

مع التطورات المتسارعة في مجال الاتصالات اللاسلكية مثل مشروع ستارلينك، قد يتساءل البعض عما إذا كانت الكابلات البحرية ستصبح يومًا ما شيئًا من الماضي. ولكن في الوقت الحالي، تظل الكابلات هي الوسيلة الأرخص والأكثر كفاءة لنقل كميات هائلة من البيانات عبر مسافات شاسعة. وحتى إيلون ماسك نفسه يرى أن ستارلينك تستهدف المناطق التي لا تتوفر فيها حاليًا اتصالات الألياف الضوئية عالية السرعة.

يبدو أن مستقبل الإنترنت لا يزال مرتبطًا بشكل وثيق بهذه الشبكة الخفية تحت البحار.  أعلنت جوجل وفيسبوك عن مبادرة مشتركة لإنشاء كابل بحري جديد يربط بين العديد من الدول الآسيوية. كما يجري العمل على إنشاء أطول كابل بحري على الإطلاق، وهو مشروع ضخم يسمى "2Africa" سيربط بين 33 دولة في أفريقيا.


سر البوفيهات التي تقدم "كل ما يمكنك أكله": كيف تربح هذه المطاعم؟

هل سبق لك أن تساءلت كيف يمكن لمطعم يقدم لك كميات غير محدودة من الطعام بسعر ثابت أن يحقق الربح؟  ولكن خلف هذه العروض الظاهرية، تكمن استراتيجيات ذكية تسمح لهذه المطاعم بالاستمرار وتحقيق الأرباح.

عادة ما يعمل نظام البوفيه على أساس بسيط: يدفع كل شخص سعرًا ثابتًا مقابل الحصول على حق الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأطباق ذاتية الخدمة. يمكنك ملء طبقك بالطعام، تناوله، ثم تكرار العملية عدة مرات كما تشاء. وقد شهدت هذه الفكرة شعبية كبيرة في السبعينيات والثمانينيات، حيث كانت تقدم تجربة عائلية بأسعار معقولة وكميات وفيرة من الطعام. سلاسل شهيرة مثل جولدن كورال وهوم تاون بوفيه اعتمدت هذا النموذج بنجاح.

إحدى أبرز طرق توفير المال في مطاعم البوفيه هي تقليل الحاجة إلى عدد كبير من النوادل. فالزبائن يقومون بخدمة أنفسهم، مما يقلل من تكاليف العمالة بشكل كبير.

ولكن هناك استراتيجية أخرى أكثر خبثًا تلعب دورًا هامًا، وهي تخطيط خط البوفيه نفسه. غالبًا ما تضع المطاعم الأطعمة الأرخص أو الكربوهيدرات المشبعة في بداية الخط. الهدف من ذلك هو أن يملأ الزبائن أطباقهم بهذه الأصناف ذات التكلفة المنخفضة قبل الوصول إلى الأطباق الرئيسية الأكثر تكلفة. وبحلول الوقت الذي يصل فيه الزبون إلى الطبق الرئيسي، قد يكون طبقه بالفعل ممتلئًا جزئيًا أو كليًا.

بالإضافة إلى ذلك، قد تستخدم بعض المطاعم أطباق عشاء أصغر من المتوسط في محاولة لتقليل كمية الطعام التي يأخذها كل شخص. وعلى النقيض من ذلك، قد تقدم أكواب مشروبات غازية كبيرة لتشجيع الزبائن على ملء أنفسهم بالمشروبات الأقل تكلفة نسبيًا.

ومع ذلك، لا تنجح هذه الحيل دائمًا في منع البعض من تكديس الطعام بشكل عمودي أو العودة لأطباق إضافية. لذلك، قد تلجأ بعض البوفيهات إلى تقليل جودة بعض المكونات لضمان عدم تكبد خسائر كبيرة، خاصة مع هوامش الربح الضيقة في هذا النوع من الأعمال.

وقد ساهمت هذه العوامل، بالإضافة إلى ظهور مطاعم الوجبات غير الرسمية التي تقدم عروض "كل ما يمكنك أكله" على أصناف محددة (مثل طبق الروبيان اللامحدود في ريد لوبستر)، في انخفاض شعبية البوفيهات التقليدية في الفترة ما بين 1998 و 2017 بنسبة 26 بالمائة، على الرغم من الزيادة الإجمالية في عدد المطاعم.

تقدم مطاعم الوجبات غير الرسمية عروض "كل ما يمكنك أكله" لفترة محدودة لخلق شعور بالإلحاح لدى المستهلكين. والأمل هو أنه بمجرد دخول الزبائن إلى المطعم للاستفادة من العرض، سيقومون بطلب عناصر أخرى من القائمة، مما يزيد من إجمالي إنفاقهم ويساهم في بناء ولاء العملاء على المدى الطويل.

في الختام، تعتمد مطاعم "كل ما يمكنك أكله" على مجموعة من الحيل والاستراتيجيات الذكية لتحقيق الربح. من تقليل تكاليف العمالة إلى التأثير على خيارات الزبائن من خلال تخطيط البوفيه وحجم الأطباق، تهدف هذه المطاعم في النهاية إلى تحقيق نفس هدف أي مطعم آخر: جذب الزبائن والحفاظ عليهم.

 

وداعًا أيها الضاحك الباسم.. رحيل الفنان القدير سليمان عيد يترك فراغًا في قلوب محبيه

 

صباح يوم حزين خيم على الوسط الفني المصري والعربي، حيث استيقظنا على نبأ فاجع برحيل قامة من قامات الكوميديا، الفنان القدير سليمان عيد. لقد غادرنا "الضاحك الباسم" صباح اليوم الجمعة الموافق 18 أبريل 2025، عن عمر ناهز الـ 63 عامًا، حيث ولد في 17 أكتوبر 1961. رحل الفنان المحبوب إثر أزمة قلبية مفاجئة أدت إلى توقف عضلة القلب وهبوط حاد في الدورة الدموية.

رحلة فنية بدأت منذ أواخر الثمانينات، لكن الشرارة الحقيقية لانطلاقة نجمه سطعت في عام 1992 من خلال الفيلم الأيقوني "الإرهاب والكباب" برفقة الزعيم عادل إمام. ومنذ تلك اللحظة، استطاع سليمان عيد أن يحجز له مكانًا فريدًا في قلوب الجمهور، بفضل أدائه الكوميدي المميز، وحضوره الخفيف الظل الذي يضفي على أي عمل لمسة من البهجة.

مسيرة فنية حافلة بالإنجازات، تجاوزت الـ 150 عملًا فنيًا متنوعًا. تنقل الفنان الراحل برشاقة بين شاشة السينما الذهبية، حيث أمتعنا في أفلام لا تزال محفورة في ذاكرتنا مثل "طيور الظلام"، "النوم في العسل"، "همام في أمستردام"، و"اللمبي". ولم يغب حضوره اللافت عن شاشة التلفزيون، حيث كان يضفي على المسلسلات نكهة خاصة، بالإضافة إلى بصمته المميزة على خشبة المسرح.

من آخر أعماله التي عرضت للجمهور فيلم "سيكو سيكو" في موسم عيد الفطر، كما يعرض له حاليًا في دور السينما فيلم "فار بـ 7 ترواح".

لم يكن سليمان عيد مجرد ممثل كوميدي موهوب، بل كان يتمتع بشخصية آسرة ومحبوبة في الأوساط الفنية وخارجها. عرف عنه خفة روحه وابتسامته الدائمة التي كانت معدية لكل من حوله. لذا، لم يكن غريبًا أن تكتسي صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بالسواد والحزن فور انتشار خبر وفاته، حيث نعاه زملاؤه الفنانون ومحبوه بكلمات مؤثرة تعبر عن حجم الفقد.

من المقرر أن تقام صلاة الجنازة على الفنان الراحل بعد صلاة الجمعة في المجمع الإسلامي بالشيخ زايد.

رحيل سليمان عيد يترك فراغًا كبيرًا في عالم الكوميديا المصرية، ولكن ستبقى أعماله خالدة، تذكرنا دائمًا بضحكاته الصادقة وبساطته المحببة. سنفتقده على الشاشة، وسنفتقد تلك اللمسة الكوميدية الفريدة التي كان يضفيها على كل دور يجسده.

نتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى أسرة الفنان الراحل ومحبيه، ونسأل المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون.