الجمعة، 10 أكتوبر 2025

كيف أضاءت لوس أنجلوس المستقبل: قصة 160 ألف مصباح LED غيّرت وجه المدينة

 

كيف أضاءت لوس أنجلوس المستقبل: قصة 160 ألف مصباح LED غيّرت وجه المدينة

في إحدى أكثر الخطوات جرأة نحو الاستدامة الحضرية، قررت مدينة لوس أنجلوس الأمريكية أن تُطفئ وهج مصابيحها القديمة وتستبدلها بضوءٍ جديد أنقى وأذكى.
ففي مشروع بدأ عام 2009 واستمر لسنوات، قامت المدينة باستبدال أكثر من 160 ألف مصباح شارع من نوع الصوديوم البرتقالي بمصابيح LED بيضاء متجانسة. النتيجة؟ انخفاض في استهلاك الطاقة بنسبة 64%، أي ما يعادل 114 جيجاواط/ساعة سنويًا—كمية تكفي لتزويد حوالي 20 ألف منزل بالطاقة كل عام.

لكن هذه القصة تتجاوز الأرقام.
كانت شوارع لوس أنجلوس، لعقود طويلة، تغمرها تلك الإضاءة البرتقالية الخافتة التي يعرفها سكان المدينة جيدًا، إضاءة تُلقي ظلالًا غريبة وتجعل الصور الليلية تبدو كأنها من عالم آخر. وعندما قررت المدينة التحول إلى مصابيح LED، لم يكن الهدف الجمالي وحده هو ما حفّز القرار، بل رغبة حقيقية في تقليل الانبعاثات وتوفير المال وتحسين الأمان.

التحول إلى الإضاءة الذكية

مصابيح LED لا تستهلك فقط طاقة أقل، بل تدوم أطول، وتُصدر حرارة أقل، وتوفر قدرة أكبر على التحكم في شدة الإضاءة واتجاهها.
هذا يعني صيانة أقل، انبعاثات أقل، وتلوث ضوئي أقل. والأهم من ذلك، أن المدينة أصبحت قادرة على التحكم المركزي بالإضاءة عبر أنظمة ذكية، مما يتيح خفض الإضاءة في أوقات معينة وتوزيعها بكفاءة حسب الحاجة.

الأثر الاقتصادي والبيئي

بحسب بيانات البلدية، أدى هذا المشروع إلى:

  • توفير ملايين الدولارات سنويًا في فواتير الكهرباء والصيانة.

  • تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 40 ألف طن سنويًا، أي ما يعادل إزالة 7,000 سيارة من الطرق.

  • تحسين مستوى الأمان في الأحياء، إذ أصبحت الإضاءة أكثر وضوحًا وتجانسًا، مما قلّل الحوادث والجريمة في بعض المناطق.

رمز لمدن المستقبل

تحولت لوس أنجلوس، بفضل هذا المشروع، إلى رمز عالمي لمدن المستقبل التي تفكر في استدامتها لا كمشروع رفاهي، بل كضرورة اقتصادية وبيئية. ومنذها، تبنت أكثر من 200 مدينة حول العالم الفكرة نفسها، من برشلونة إلى دبي، لتثبت أن الابتكار أحيانًا يبدأ من أبسط الأشياء… من مصباح شارع.

الضوء الجديد

ربما لم يلاحظ المارة التغيير في الأيام الأولى، لكن مع مرور الوقت أصبحت شوارع لوس أنجلوس أكثر إشراقًا وهدوءًا في آن واحد. الضوء الأبيض لم يغيّر فقط ملامح المدينة ليلاً، بل غيّر فلسفة إدارتها للطاقة، من عقلية الاستهلاك إلى عقلية الكفاءة.

لوس أنجلوس لم تكتفِ بإضاءة شوارعها… لقد أضاءت الطريق أمام مدن العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق